الرسوم الكمركية الأمريكية: تحوّل اقتصادي يهدد النظام التجاري العالمي الدكتورة عذراء محمد عبد الرضا توضح
الدكتورة عذراء محمد عبد الرضا

Globalization) والعودة إلى سياسات الحماية التجارية، مثل فرض الرسوم وتقييد الصادرات، والاعتماد على الاتفاقيات الثنائية بدلاً من النظام التجاري المتعدد الأطراف.
هذا التحول يضع منظمة التجارة العالمية (WTO) في موقف حرج، إذ أصبحت القواعد التي أُنشئت لحماية حرية التجارة مهددة بفقدان فعاليتها. وإذا ما نُفذت هذه الإجراءات – بعد فترة التأجيل المحددة بثلاثة أشهر باستثناء الصين – فمن المتوقع أن تؤدي إلى إجراءات انتقامية متبادلة بين الدول، وهو ما يعيد العالم إلى أنماط قديمة من العلاقات التجارية تقوم على الصراع والمنافسة غير المتكافئة.
على المستوى الاقتصادي العالمي، ستؤدي هذه السياسات إلى اضطرابات واسعة، منها: انهيار محتمل في أسعار النفط نتيجة تقلبات أسواق الطاقة، وتضخم في أسعار العملات وخاصة الدولار الأمريكي، بالإضافة إلى اهتزاز أسواق المال العالمية، وربما تعطّل بعض البورصات نتيجة ضعف الترابط الاقتصادي بين الدول.
أما داخل الولايات المتحدة، فسيكون المستهلكون هم الخاسر الأكبر؛ حيث سترتفع تكاليف المعيشة بنحو 2.5% من دخل الأسر. كما أن زيادة الإنتاج المحلي أو ارتفاع الوظائف والأجور لن تكون كافية لتعويض هذه الخسائر. ويتوقع أن تخفض أسعار الفائدة في محاولة لمواجهة التدهور، إلا أن ذلك قد يقود إلى ركود اقتصادي داخلي يمتد أثره سريعاً إلى الاقتصاد العالمي.
وعلى الصعيد الدولي، ستكون الاقتصادات الآسيوية الأكثر تضرراً، تليها الاقتصادات الأوروبية. وتشير التقديرات إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 5.5% في آسيا و2% في أوروبا، مع احتمال إغلاق عدد كبير من المصانع التي تعتمد على التصدير إلى الولايات المتحدة.
إن هذه التطورات لا تمثل مجرد خلاف تجاري، بل هي مؤشر على مرحلة جديدة يتراجع فيها الانفتاح الاقتصادي لصالح سياسات الحماية والصراع التجاري،